تتويج حسن بوهيا بلقب وجائزة أفضل فنان تشكيلي عربي تجريدي لعام 2020 بلندن
الحفل أقيم بمدرج الهيئة الملكية البريطانية للطب بمنطقة الميفير
على مدرج الهيئة الملكية البريطانية للطب بمنطقة الميفير الشهيرة وسط العاصمة البريطانية لندن، جرى تتويج أول أمس الفنان التشكيلي المغربي، حسن بوهيا، بلقب وجائزة أفضل فنان تشكيلي عربي في العالم لعام 2020 عن صنف الفن التجريدي.
ونابت سيدة الأعمال الفرنسية كلير ستجرنفالت، Claire Stejernfalt عن بوهيا أثناء مراسيم التكريم في بطولة كأس العالم للمبدعين العرب.
وقال الفنان التشكيلي حسن بوهيا، الذي تلقى رعاية من مؤسسة هارتر، Hearterخلال فترة المسابقة العالمية، إن أطوار المسابقة العالمية خضعت لمجموعة من المراحل، مضيفا أن “فريق عمل المجموعة العربية وجد أن أعمالي التي شاركت بها كانت أكثر دقة وإبداعا، ما أهلني للفوز بالرتبة الأولى”. وأبرز أن لحظات التتويج كانت فرصة لحضور المدير العام للمجموعة العربية ومجموعة من أعضاء التحكيم الدوليين وضيوف الشرف.
جماليا ألهمت اعمال حسن بوهيا العديد من النقاد الجماليين، في مقدمتهم الناقد الفرنسي دانييل كوتيري، وآخرون عرب ومغاربة. وخصه الكاتب والناقد الجمالي محمد أديب السلاوي بدراسة رصينة، تحت عنوان “الفنان التشكيلي حسن بوهيا يطل بصمت على المفاهيمية الإبداعية”، إذ كتب السلاوي أنه تعرف على بوهيا سنة 2012 بالصدفة، تعرف على فنان تشكيلي عرض وشارك في معارض جماعية بالدارالبيضاء وباريس والخليج العربي، وإفريقيا، ويضيف السلاوي أنه فوجئ بمبدع مغربي من طراز خاص، مخالف للمعهود والمتداول على الساحة التشكيلية المغربية، فنان ينتمي إلى جيل السبعينيات تمثل أعماله علامة بارزة لما بعد الحداثة لا تتواصل مع أصداء الساحة التشكيلية المغربية، فهو لا يسعى إلى بيع أعماله يرسم باستمرار ويبعث بإعماله إلى أصدقائه عبر رسائل إلكترونية دون أن يسألهم عن آرائهم، فيما يبني سعادته وقناعته الإبداعية على هذا المنوال.
اللوحة عند هذا الفنان ليست فكرة حاضرة في الذهن بشكل مسبق، ليست قضية مطروحة على الورق، وعلى القماش، إنها في الأساس منجز جمالي منجز تخطيطي، لوني تعبيري محاولة للتعبير عن شيء، عن حلم خارج مواصفات هذه التعابير، وهو ما يعطي لهذه الأعمال قيمتها الفنية الإبداعية، إنها تبتعد عن اللوحة المتداولة وعن الفنون الأكاديمية المتداولة وهو ما يجعلها كائنا قائما بذاته خارج المتداول والمعتاد.
يقول السلاوي إن العديد من نقاد الفنون التشكيلية في المغرب، كما في أوروبا صنفوا أعمال حسن بوهيا ضمن أفق ما بعد الحداثة فهي عند بعضهم تجريدية مشدودة إلى المطلق، وعند آخرين ترتبط بحركة فنية عالمية تسمى”ميزيكاليزم”، في الواقع فإنها تعبر عن نفسها بأسلوب يتجاوز الأساليب الكلاسيكية المعروفة، وبالتالي فهي تقدم نفسها كبديل جمالي لكل ما هو أكاديمي وهو ما يحتاج منا إلى تأمل باذخ وصوفي لقراءتها جماليا وتشكيليا. إن انتماء بوهيا لتيار ما بعد الحداثة لا شك في أنه يمر بحالة ابتكار لغة جديدة تتجاوز الفكرة السائدة في السابق المرتبطة بتعريف الفنان، فهو المنتج فقط، الذي يتجاوز الفكرة القديمة المرتبطة بالعمل الفني، والفنان لا يستجيب إلى حاجيات المتلقي البصرية والوجدانية فحسب، بل يتخطاه إلى الفعل والإنتاج.
إن حسن بوهيا الفنان المهندس، الإنسان يجمع في أعماله بين صرامة المهندس وجمالية الفنان يعطي كل الحرية لصمته ليعبر عن مواقفه، يؤكد أنه بانتمائه تشكيليا إلى الاتجاه المفاهيمي، إنما ينتمي إلى جيل تشكيلي جديد طموح يواكب التغيير، لديه القدرة على استيعاب لغة عصره المعبرة عن آرائه، فهو بهذا الانتماء الصامت يؤكد أنه نتاج إفرازات الزمن الراهن بأفكاره وطموحاته وطروحاته ورؤاه، قد نختلف معه لكنه يجبرنا على الاتفاق معه في رؤيته لعصره الإبداعي الحضاري.
على مستوى آخر لا نذكر أعمال حسن بوهيا، دون أن نعرج على الناقد والفيلسوف الفرنسي المقيم بنيويورك فريدريك شارل بايتنجير الذي وصف بوهيا بسيد خطوط الفرح. وأضاف فريدريك شارل قائلاً ” أسلوب بوهيا يرتبط بحركة فنية عالمية تُسمى “ميزيكاليزم” لصاحبها الفرنسي هنري فالنسيا والأكثر من ذلك ألح عليه بالحفاظ على الأسلوب نفسه، لأنه يمنحنه شخصية فنية متميزة، ووصفه برائد الفن التشكيلي الموسيقي ليس بالمغرب وحده بل بالعالم.
والسكون المتمثل في الألوان التي هي في الأغلب الأعم متوافقة، حتى حين يستخدم الألوان المتضادة كالبرتقالي والأزرق على سبيل المثال، فإنه يوفق بينها بمساحة رقيقة هامسة خضراء، أو يفصل بينها بأحد الألوان الشاذة (أي الأقرب للأبيض) أو الرماديات أو بخط أسود، والأسود والأبيض وما بينهما من رماديات، معلوم أنها محايدات تجعل كل الألوان التي تتوسطها متوافقة حتى المتضاد منها مثل الأحمر والأخضر أو الأزرق والبرتقالي أو الأصفر والبنفسجي.
وقال بوهيا خلال استضافته في أحد البرامج الخاصة بإذاعة “شذى أف إم” بالدار البيضاء “لوحاتي تتميز بالشقوق وتعتريها لمسة أقرب إلى الجفاف، وفي اعتقادي أن الأمر يتعلق بالإرهاصات الأولى لحياة مريحة وجيدة، وتلك الخطوط التي تتخللها وتقطعها من عمقها إلى أطرافها هي بمثابة شرايين الحياة. فهي عروق مملوءة بالحياة، ومهمتها هي أن تزرع الحياة في هذه الأرض العطشى”.
ويهيمن الخط الأسود بحركته الدائبة على لوحات بوهيا ليجمع متفرقها، ويوفق بين أطرافها، ويؤلف بين شتاتها، ويُجبر كسرها، ساجداً على سطحها كسجود العبد لرب العالمين.
وقال الناقد الفني عبد الرحمن بنحمزة في حقه: عند مشاهدة أعمال حسن بوهيا سواء أكانت بقلم الرصاص أو بالألوان تشعر للوهلة الأولى أنها تعبير عفوي عن مزاج لحظي .. وأنها تجمع بين عفوية وبراءة الطفل وحنكة وحكمة الفيلسوف، بين التعبير الانطباعي والعاطفي والحسابات الرياضية والفنية الدقيقة .. ولا غرو فبوهيا حاصل على دبلوم الهندسة المدنية والبناء .. والمعماري بطبيعته فنان وفيلسوف بالدرجة الأولى، فهو يعتمد في أي تصميم على مفاهيم وعناصر تتعلق بهدف وفكرة المشروع المطلوب. وهذا يتطلب ثقافة واسعة وخيالاً رحباً.