الفنان الحروفي محمد قشمار يعرض أعماله الجديدة بالمغرب وفرنسا وكندا
كل لوحة حروفية عبارة عن نص بعوالم تعبيرية تستمد قوتها من المفردات الصوفية والحكم
بعد معارض ناجحة في جغرافيات أوروبية مختلفة مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا، يعتزم الحروفي العصامي محمد قشمار، تنظيم معارض بالمغرب تجمع لوحات مختلفة الأحجام والأشكال، إلى جانب معرضين في السنة المقبلة في شهر ماي بفرنسا ويونيو بكندا.
ارتبط اسم الفنان الحروفي محمد قشمار بمجموعة من الأوراش الفنية، وتحديدا في ملتقيات فكرية وفنية عالمية، حيث قدم تجربته الحروفية أمام شخصيات مرموقة من عالم الفن والثقافة، وأشادت النائبة الأولى لوزير التربية والتعليم ببلجيكا بتجربته الحروفية، التي تندرج ضمن شعرية التشكيل الحروفي في ضوء ثنائية الفراغ والامتلاء. كل لوحة حروفية عبارة عن نص بعوالم تعبيرية تستمد قوتها من المفردات الصوفية والحكم، يصبح العمل الحروفي مجالا لفتح حوار مفترض مع المتلقي، وفضاء للتقاسم والحوار. هذا هو سر عمق تركيباته الحروفية النافذة إلى الادراك والإحساس. حروفياته التعبيرية الراقصة بصمة وجدانية لأنها تعبير شذري عن جمال الإبداع، والتاريخ والذاكرة.
تغلب على أعماله قيمة التحديث بامتياز، ويصبح التشكيل الحروفي طقسا من طقوس التعبير البصري الذي يغني تجاربه الفكرية والفنية بشكل عام. لا يرتكن قشمار إلى البساطة في مجال الحروفية، فهو يحاول أن يقدم عملا مكتملا، حتى أن الأفكار التي تسبق تسويد الورق، لا تخطر بباله، إلا وهو يداعب بين أنامه أقلام الحبر الصيني، التي يطوعها حتى تصير منقادة، ويذبج بها بحرفية تعز عن كل وصف بعض العبارات التي تصير لها روحا على الورق.
وفي تجربة جديدة على الأقمصة ذات اللون الأسود والأبيض، رسم بالحروف خريطة المغرب من طنجة إلى الكويرة، بمعالم مدنها ومداشرها وقراها، حيث اقتبس حرفا من كل اسم مدينة، وأثث بها هذه الأقمصة، التي لا تخطئها العين، ويقف الرائي مشدوها إلى فعل الصنعة والدربة في عالم اسمه الحروفية.

وقال الحروفي العصامي، محمد قشمار إن تجاربه الأولى في مجال الحروفية تستمد قوتها من التماهي مع التجربة الألمعية لمحمد قرماد، الذي اعتبره شيخه الأول، وكان بالنسبة إليه مدرسة قائمة الذات، هذب من خلالها أسلوبه الحروفي الذي وحده يعرف أسرار كينونته.
وأضاف في تصريح إعلامي أنه تماهى مع مجموعة من التجارب، منها المدرسة الخطية الإيرانية، ومدارس أخرى في ميدان الكرافيك، مستخلصا أسلوبا مغايرا له طابع خاص.
إعلاميا خصه موقع “كنال 212” بتغطية شاملة لمعرضه الأخير، نقتطف منه ما يلي “ولد محمد قشمار في الدار البيضاء، فنان خطاط استطاع أن يوفق بين التقاليد والحداثة، بعد دراسته للأدب الحديث وتعمقه في عالم التصميم الغرافيكي، توجه إلى فن الخط، وهو فن تعلمه منذ نعومة أظافره في المغرب. وقد قاده شغفه إلى تنظيم أول معرض له سنة 2010 بالدار البيضاء، ليشكل ذلك مسيرته الفنية.

في العام 2015 قرر الاستقرار في مدينة نانسي بفرنسا لتوسيع آفاقه الفنية، وبفضل إتقانه للخط العربي وقدرته على نقل شغفه بهذا المسلك الفني، استطاع أن يدمج بسرعة في الساحة الفنية المحلية ورسخ أسلوبه الفني وسط عشرات من الفنانين المرموقين بالديار الغربية”.
على مستوى أنشطته الفنية، ينظم محمد قشمار بانتظام ورشات في الخط العربي بمدينة نيس، وهي أوراش مفتوحة لجميع الفئات، تشكل فرصة للمشاركين لاكتشاف القيم التشكيلية لفن الخط العربي، من حركات وتشكيل حروفي، إلى التنفس والطاقة التي تعيد الحياة إلى الحروف. على مر السنوات أصبحت أعمال قشمار معروفة خارج الحدود الفرنسية، ففي العام 2018 عرض أعماله في لوكسمبورغ، ثم شارك في المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء 2020، ما عزز الروابط الثقافية بين المغرب وأوروبا، كما تمت دعوته لعرض أعماله في القنصلية العامة للمغرب في ستراسبورغ، حيث تسلم جائزة الأنشطة الثقافية، تقديرا لجهوده في الترويج للثقافة المغربية في فرنسا. من خلال مسيرته يجسد محمد قشمار اللقاء الناجح بين التقليد والحداثة، وبين الشرق والغرب، حروفية مشبعة بالشعر والدقة والرؤية الجمالية، تختزل في كل تجلياتها قدرة الخط العربي على التحاور مع الثقافات العصرية. من الدار البيضاء إلى نانسي يواصل العصامي محمد قشمار رسم مساره بريشة في يده ليروي قصة اللقاء بين الشعوب، ويعد قشمار حسب كاترين تروتمان وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة، سفير الخط العربي باوروبا. وأسر قشمار أنه دائما يستشهد بالمقولة الشهيرة لبيكاسو:” إن أقصى نقطة أردت الوصول إليها في فن الرسم، وجدت أن الخط العربي قد سبقني إليها”.
