إشكاليات الولاية الشرعية وعلاقتها بالحضانة

الدكتورة سناء مكًار، محامية بهيئة المحامين بالجديدة

تعتبر الولاية السلطة على انشاء التصرفات القانونية وتنفيذها نيابة عن المولى عليه
وهي على نوعية:1 – ولاية قاصرة تتعلق بشؤون الشخص نفسه 2 – وولاية متعدية كتلك التي تتعلق بشؤون الغير كتصرف الاب في أموال أبنائه القاصرين أو بحضانتهم والقيام بشؤونهم التي تحتاج لولي، والتي بدورها تنقسم لنوعين ولاية على المال – سلطة اجراء التصرفات القانونية على أموال القاصر – وولاية على النفس – سلطة الاشراف على شؤون القاصرين من تأديب وتعليم وصيانة وتزويج وحفظ للمولى عليه – وهي التي يصطلح عليها في التشريع المغربي بالنيابة الشرعية والتي افرد لها المشرع القسم الثاني من الكتاب الرابع بمدونة الاسرة و قننها من خلال 47 مادة من المادة 229 الى المادة 276 من مدونة الاسرة.

sanaa_mougar

ويبدو أن الارتباط الوطيد بين الولاية على الابناء وحضانتهم لا يطرح الا في حالة انفصام العلاقة الزوجية بطلاق أو تطليق…، بل لا يطرح بشكل مثير للقلق ومعرقل لتكريس المبدأ القائل بإلزامية الحفاظ على المصلحة الفضلى للمحضون الا بعد اسناد الحضانة للأم، سيما أن هاته الأخيرة وبحسب ما أثبت لنا واقع الحال أن حضانتها تبقى مشوبة بالنقص والقصور وليست كاملة مادامت الولاية تبقى ملازمة للاب غير الحاضن…
ما الغاية إذا من اسناد حضانة عرجاء لحاضنة مطلقة ليس لها حق الولاية على أبنائها في قضاء حاجاتهم الإدارية البسيطة التي على بساطتها تصبح هما مؤرقا، فإن افترضا جدلا تجاوز الطفل للمشكل النفسي والأسري المتمثل في فراق والديه،فإن المشرع ما يلبث ان يذكره أنه مواطن كتب عليه وعلى والدته شقاء ما بعده شقاء، ليصبح طفلا وليد علاقة فاشلة كان مصيرها الحتمي الطلاق او التطليق ومحضونا شؤونه الإدارية موقوفة التنفيذ على موافقة اب لا يحضن وغائب ولا يحضر الا عند تطبيق مقرر الزيارة …
لعل معشر الممارسين يقفون بشكل يومي على دعاوى تتعلق بحل مشاكل الحاضنة و محضونها إما عند تنقيله من مدرسة لأخرى و التي تتوقف الزاما على موافقة نائبه الشرعي او وليه القانوني ، فضلا عن إشكالية حصول المحضون على جواز سفر، هاتهالوثيقة التي يحق لكل مواطن الحصول عليها، الا المحضون الذي تمنعه الإدارة المغربية من حقه في الحصول عليها تحت طائلة موافقة وليه، ناهيك عن ان الحاضنة عدا انها ملزمة بشكل فردي و احادي بتربية و تنشئة و تحمل المسؤولية الكاملة لمحضون كان وليد علاقة ثنائية، إن هي ألزمتها ظروفها المهنية أو الاجتماعية أو الصحية السفر الى مدينة أخرى سواء تعلق الامر بإقامة دائمة او إقامة مؤقتة فمصيرها يبقى خاضعا لسلطة ولي المحضون، الذي منحه المشرع ذلك الحق المطلق في منح إذنه من عدمه بغية السفر بالمحضون…
قانون يراعي مصلحة الولي في المسافة التي تفصله عن ابنه و تتغاضى عن مصلحة الحاضنة التي من الأكيد ان مصلحتها على المحك و مصيرها الضرر…
ولي بسلطة تفوق سلطة الحاضنة التي عليها السهر والتعب والعناية والتربية، وولي له سلطة الاذن في التنقل بحرية والحصول على الأوراق وسلوك المساطر الإدارية …
أما السفر بالمحضون خارج الوطن فتلك قصة ورواية أخرى، كل هذا يجعل من سلطة الاب المتمثلة في الولاية ورقة تهديد وابتزاز يشهرها في مواجهة الحاضنة التي تضطر معه الى التنازل عن مستحقات النفقة من اجل الحصول على تصريحه – الولي – المتعلق بإجراء اداري ما …
دون ان نغفل اشكالا مهما يتعلق بتدبير أموال هذا المحضون فالأم لها إمكانية فتح حساب باسم محضونها و إيداع الأموال لفائدته و تنمية ذمته المالية و العمل على ملاءتها، لكن ليس لها الحق في استخلاص هاته الأموال ، بينما يبقى من حق الولي الاب التصرف و استخلاص هاته الأموال بمباركة من القانون دون عسر أو تضييق.
فمدام ان من اهم شروط استحقاق الحضانة الاستقامة و الأمانة ليتحقق مبدأ لا خشية من الحاضن على المحضون، ومادامت المرأة الرشيدة ولية امرها، ومدام القانون اسند لها حق الحضانة، و الذي هو الزام و التزام و مسؤولية وحمل ثقيل يسند في جزئه الأكبر لها، كان عقلا و منطقا إقرار فلسفة عادلة تعمل على تشطير مسؤولية الحضانة بين الابوين ومادام اسناد الحضانة يكون في الغالب للأم، فمن الأولى ربط حضانتها بمنحها حق الولاية على أبنائها أساسا و ليس استثناء بغياب الأب أو وفاته …