جمال الدين بنحدو يصدر “للملحون طرب.. ديوان شعر الملحون”

إضافة مشرقة تزرع الروح في جسد فن الملحون المغربي
في تجربة مضيئة حول رافد إنساني وإبداعي معا، تعززت المكتبة المغربية والعربية بديوان جديد للدكتور وشاعر الملحون، جمال الدين بنحدو، ويتعلق الأمر بـ” للملحون طرب.. ديوان شعر الملحون” الذي صدر عن دار “الثقافة للنشر والتوزيع”.
هذا العمل هو تعبير رمزي لدخول فن الملحون المغربي إلى اليونسكو كفن تراثي إنساني مغربي عالمي.
ويضم الديوان قصائد ملحونية من نظم جمال الدين بنحدو، وروائع من تاريخ الملحون المغربي لشعراء من قبيل: إدريس بن علي، عبد القادر العلمي، محمد المدغري، بنعلي ولد أرزين، العيساوي الفلوس وأسماء مرموقة طبعت بميسمها الملحون في كل امتداداته المجتمعية.
ديوان يجمع بين قصائد جديدة من تأليف جمال الدين بنحدو وقصائد قديمة تراثية لعديد من الشعراء المغاربة مسلمين ويهود. ويعتبر هذا الإصدار إضافة مشرقة تزرع الروح في جسد فن الملحون المغربي، كما أن هذا الجهد الفكري سيعزز، لا محالة، المكتبة الفنية والأدبية والموسيقى المغربية. ويتضمن هذا المولود الجديد أمهات القصائد الملحونية بشتى تفرعاتها وأجناسها.
وحسب العديد من نقاد الأدب والشعر خصوصا، في رافده الملحوني، فقد شكلت كتابات جمال الدين بنحدو، في مجملها، وخلال سنوات من العطاء المتنوع بصفته واحدا من المجددين في تراث الملحون، أفقا واسعا ورحبا للدرس الملحوني بحمولات متصلة بالحداثة والتنوير.
لا شك أن الدينامية التي تطبع كتابات بنحدو وأثرها الملموس، تستدعي التوقف عند هذا المنجز الشعري بصيغة جديدة لا تروم التقييم العام بقدر ما تسعى إلى فهم هذا المسلك في الثقافة المغربية الفنية، والدنو من ذلك الثراء الذي راكمته نصوصه الملحونية انطلاقا من ديوان شهدة ملحونية، ومختلف الكتابات التي ظلت وفية لهذا المكون الأدبي، الملحون.
من جهة أخرى يعد المجهود المضني للدكتور جمال الدين بنحدو نافذة بأفق ممتد على هذا الرافد الإنساني والفني معا، وتقديرا لمساهماته البحثية الأصيلة في صون هذا الإرث الفني المغربي والإنساني الممتد، وتثمينا لإسهاماته العميقة في ترسيخ أدب فن الملحون وتعميق البحث والتقصي في ثناياه لإبراز خصائصه.
مسار كاتب وشاعر مجدد في تراث الملحون
كشف فنان الملحون جمال الدين بنحدو أن ميولاته الأولى كانت تتجه نحو الكتابة قبل أن يتحول مع مرور الوقت إلى مهتم ممارس للموسيقى، مضيفا في حديث إعلامي، أن الفن لم يبعده أبدا عن الكتابة.
ويحكي أنه عندما كان طالبا في الاعدادي اكتشف أن ملامح ميولاته الأدبية بدأت تظهر بقوة، فأقدم على بعض المحاولات في كتابة الشعر العربي المقفى، انطلاقا من قصائد الشعراء الذين سكنوا وجدانه وعقله، إلى جانب ذاكرته القوية التي أسعفته في حفظ الكثير من الأشعار، ثم بعد ذلك، يقول “استهوتني المقالة العلمية، التي تعبر عن فكرة جديدة ودخلت هذا المجال وأنا المريد والمتطلع إلى دنيا العلوم الحقة، سواء كانت فلسفة أو مثيلتها الفنية والاجتماعية”.
ثم، يضيف وهو يستحضر البدايات الأولى للكتابة، وتحديدا المقالة، “ما زلت أذكر ولوجي إلى جريدة “العلم” بشارع محمد الخامس بالدارالبيضاء، حيث كان لي شرف الجلوس أمام المدير آنذاك الأستاذ العلام، الذي أشار لي إلى مكتب صغير، وقال لي أكتب.. ولن أنسى فرحتي الغامرة، حيث تفاجأت بنشر أول مقالة لي بصحيفة “العلم”، التي كانت حقا منبعا للتثقيف، والأخبار الوطنية التي كانت تنضج بأقلام أسماء ذات صيت في الصحافة والأدب، وكانت “العلم” في ذلك العهد تتصدر مبيعات الصحف”.
وفي معرض الحديث عن ذكرياته مع الكتابة، قال إنه مع مرور الوقت بدأ فى الكتابة في مجال شعر الملحون لما يمثله من هوية مغربية قحة، وذلك بعد دراسة الأوزان والتفعيلة التي وجدها تأخذ من الشعر العربي ولكنها تتميز وتتفوق بخصوصيتها. ومن ثمة – يقول- “أصدرت أول ديوان في شعر الملحون المعاصر حمل عنوان “شهدة ملحونية”، قدمت فيه إبداعاتي إلى جانب نشر بعض القصائد العريقة كـ”الشمعة” لتقريب تناولها من الشباب. وكانت المفاجأة هي نفاده من السوق بعدما لاقى الإصدار إقبالا منقطع النظير. ولعل حضور هذا المنتوج الفكري والفني معا على مستوى الساحة الشعرية المغربية، يعود إلى غوصه في مجال يسمى صناعة القول، والمحلون رديف للشعر المقفى والشعر الحر، يتطرق إلى كل المواضيع بجرأة قلما تتيح لغيره من ضروب الشعر.
أما على المستوى الأكاديمي، فقد صدر لي كتب تحت عنوان “مدخل إلى تاريخ موسيقى الأديان”. هذا الكتاب يشكل ثمرة بحث في أقسام الماستر، ومن ثمة بعثت مسودات الكتاب إلى إحدى دور النشر العربية المشهورة بسوريا، فقامت بنشره دون إذن مني، كما أخذ حصته في البيع كعنوان جديد في معرض الدارالبيضاء.
وأوضح بهذا الشأن أن هذا الكتاب يتناول مشروعا علميا يعنى بالتأسيس لعلم الموسيقى كلغة تواصلية، حيث يتحكم في أدواتها ووسائلها التعبيرية. وهو المشروع الذي توسعت فيه بتأطير من أساتذة متميزين على رأسهم الأستاذ حسن البحراوي.
وبخصوص عالم الجوائز، قال “إن جائزتي الكبرى هي ما أتلقاه من احترام وتكريم من طرف الجمهور العربي والمغربي على الخصوص. أما الجائزة والتكريم والاحتفالية فهذا لا أضعه في مقدمة أهدافي. لكن هدفي الأول والأخير هو الإبداع والإنتاج على عدة مستويات: الموسيقى والشعر والدراسة والتحليل.
للإشارة فإن جمال الدين بنحدو ينشر حاليا مقالاته العلمية في الموسيقى بالجريدة الإلكترونية “أرت بريس” في ركن “نوتة موسيقية” وهي تعني بتحليل علمي دراسي للموسيقى، وأبرز في حديثه إلى أنه يخوض من خلال هذه الزاوية الإبداعية في مناقشة المستجد والطارئ في مجال الموسيقى بشكل عام.
نبذة عن الكاتب
جمال الدين بنحدو شاعر ملحوني متعدد المواهب، من مواليد 1961 بالدار البيضاء، أستاذ جامعي، له العديد من الكتابات في الجرائد المغربية، والمجلات العربية المتخصصة في الموسيقى، واشتهر كواحد من المجددين في الملحون.