عبد القادر لعرج يفجر قوة الألوان والتقنية في معرضه الجديد برواق” So Art Gallery” بالدارالبيضاء
قدم الفنان التشكيلي عبد القادر لعرج أعمالا جديدة برواق ” So Art Gallery ” بالدارالبيضاء، ويستمر المعرض إلى غاية 11 أبريل المقبل. وقال لعرج إن الاعمال الجديدة هي ثمرة عمل كبير من المعرفة والتقنية، وأضاف أن المرء لا يمكن ان يتكلم عن عمله الفني، فاللوحات هي التي تتكلم، مشيرا إلى أنه اشتغل إلى جانب فنانين مرموقين على الساحة العربية والدولية منهم محمد المليحي، ومحمد شبعا.
واعترف لعرج في حديثه لوسائل الإعلام، التي غطت افتتاح المعرض، بأنه تأثر بشكل كبير بهذين الفنانين اللذين تعلم منهما فنه، وقال إن الأعمال المعروضة حاليا في رواق ” So Art Gallery ” لم تولد من فراغ. إنها نتيجة سنوات طويلة من الخبرة والتعلم من هؤلاء الفنانين وحرية الإبداع التي أتت مع مرور الوقت.
وأضاف لعرج ان أعماله الجديدة احتفت بقوة التقنية وروح الألوان، مفيدا أن بعض لوحاته جسدت أشكالا هندسية، مثل المربع والمثلث سخر فيها تقنية تعلمها من فنانين عالميين كبار من أمثال ريشار، ورفانو، والشريكي.
جماليا ارتبطت أعمال عبد القادر لعرج بالعديد من التظاهرات والمعارض الفردية التي نظمها في المغرب وبلدان مختلفة. وترتكز تجربة لعرج على عوالم شبه غيبية تغيب فيها الأمكنة بمفهومها المادي، وتحضر فيها فضاءات صوفية، كبؤرة لتجمعات حشود من الأجساد الرخوية، سواء القابعة والمتراكمة منها في الفضاءات اللانهائية، أو الطائرة في اتجاهات ملتوية وأخرى مائلة وشبه دائرية بسرعة حركية، كأنها فراشات تبحث عن مصدر النور، بتمثلات مرئية اتخذت لها وضعا في مرحلة انتقالية متبادلة بين التجريد والتشخيص.
وعن قاموسه الصباغي، كتب الناقد الجمالي، عزالدين هاشمي إدريس، مقالا نقديا سلط فيه الضوء على تجربة لعرج الصباغية، بعنوان” فنان، عمل فني، رحلات جوية لعبد القادر لعرج”، نقتطف منه ما يلي:” تثير معظم قراءات أعمال عبد القادر الأعرج خيال فنان مهووس بموضوع الطيران والارتفاع والعلو. يبدو أن “التحليق في الهواء” هو طموح عقدي يبني خياله.
لقد أدرك البعض منطقا يشبه الحلم أو رغبة في مساحات كبيرة. يستحضر البعض الآخر عرض الألعاب النارية ومفهوم الاحتفال، المرتبط بموكب الرقص الجوي. قلة منهم لم يروا سوى عالم يعج “بأشكال صغيرة ملونة” !!
على أي حال، فإن عمل الفنان التشكيلي لعرج، الذي صاحب في مسيرته الفنية العديد من الأسماء التي طبعت المشهد الفني المغربي والعالمي، عميق حتى لو عرض رؤية “عالم مبتهج”، مشابه لعالم الطفولة، يسعى للتلاعب بقوانين الفيزياء ويتحدى الجاذبية.
وأضاف الناقد عزالدين هاشمي إدريسي، في المقال ذاته، تعكس ألوان لعرج الإحساس الحسي بالرحلة. خلفية القماش مشبعة بألوان زاهية تتخذ أحيانا شكل بخاخات أو ذرات من الألوان … على غرار ما يشهد الفضاء من تحولات في الطقس.
تستجيب لمسات الفرشاة السريعة والمجزأة والدوران المتشنج لأشباه الإنسان. كما لو أن يدي الفنان وفرشاته تم التقاطهما بواسطة الأكروبات التي يفرضونها على “الكيانات الطائرة”. لإكمال الوهم البصري، يبدو أن هذه الأشكال تسير مع الرياح كأنها سرب من الطيور، تترك نفسها تحملها التيارات الهوائية، وتدور في السماء … وتضبط طيرانها وفقا للتدفقات.
لا ينفك عبد القادر لعرج من ترويض خيال هذه الكائنات التي وحده يعرف أسرارها، فمقتربه الصباغي يحتفي بالألوان الزاهية والأشكال، المتطايرة هنا وهناك.
مثله كفارس الكلمات، فهو شاعر يقرض شعرا بحدسه ومزينته الصباغية، له الرغبة نفسها التي تسكن الشعراء الجوالون العالميون، كتشارلز بودلير. القصيدة الأولى التي تتبادر إلى الذهن هي الباتروس التي تصور “الشاعر / الطائر”.
وكان محمد بنعيسى قدم شهادة حول الفنان التشكيلي عبد القادر لعرج وقال إنه “من هؤلاء الفنانين الذين لا يسعهم إلا أن يصنعوا الدهشة. فريد في نهجه، مرتبط بشدة بكونه الداخلي، فهو لا يتوقف أبدا عن تلوين وإعادة تلوين سحر هذا العالم الرائع، المليء بالخفة والبهجة المدهشة. رسام علم نفسه، حرفي للخيال، عرف طوال حياته المهنية أن يظل مخلصا لمفهومه عن الحياة والفن … “. ووصفه في شهادته بابن أصيلة المُتبنّى، عرف كيف يمنح أعماله نغمة خاصة تنسجم جيدا مع روعة هذه المدينة المفتوحة. مثل شخصه اللطيف، فإن الابتسامة دائمًا على شفتيه، وتأتي رسوماته نحونا وترحب بنا بسخاء وتقدم لنا رحلة في الكون الرائع الذي يرسمه لنا. هذا الكون الطفولي هو أيضًا عالم حلم، حيث تتجول النظرة، حيث يكون الخيال مجنحا”.
من جهة أخرى أضاف محمد بنعيسى في الشهادة نفسها أن لعرج “رهان آمن” على فننا المغربي. علاوة على ذلك، فقد ابتكر أعمالا تغني عن الحياة والطفولة والبراءة ببحث تشكيلي خاص به. إنها تدعونا إلى الحلم وأحلام اليقظة وتنقلنا بعيدًا إلى سماء الخيال المرصعة بالنجوم “. وأسر بنعيسى أن طريقة رسم الفنان العصامي عبد القادر لعرج
تجعله دائمًا يفكر في طفل مستلق على الأرض ويديه خلف رأسه وعينيه مفتوحتين يتأمل في سماء مضاءة بعدد لا حصر له من النجوم.