“نادي الكتاب” لوماتان يحتفي بالشرايبي وكيروم قامتين كبيرتين في السينما المغربية
عاش الحاضرون لحظات استثنائية قربتهم من شذرات من ذاكرة سينمائية
عاش عشاق الفن السابع ومتتبعو الحركة الفنية والثقافية بالمغرب لحظات استثنائية بمقر المؤسسة الإعلامية لوماتان بالدارالبيضاء، والأمر يتعلق باللقاء الثقافي الثامن من “نادي الكتاب” لوماتان، إذ اختلف عن سابقية، بإثارة موضوع تمحور حول منجز سعد الشرايبي الموسوم بـ”شذرات من ذاكرة سينمائية”.

ولم يقف محاور الضيف الباحث والناقد السينمائي حمادي كيروم، عند فصول الكتاب التسعة بل سافر بالحضور النوعي، المكون من صفوة من المخرجين السينمائيين والكتاب والشعراء والفنانين التشكيليين، إضافة إلى الصحافيين، إلى عوالم السينما بدءا من الإخراج وكتابة السيناريو وإدارة الممثل وأعلام الفن السابع، كاشفا عن نظريات حول هذا الجنس الإبداعي الفريد من نوعه، مؤمنا بأن ثلاثة من المبدعين السينمائيين الكبار لهم قصب السبق في تاريخ السينما العالمية، إضافة إلى صديق دربه وضيف اللقاء الثقافي، سعد الشرايبي، الذي عده واحدا من هؤلاء الثلاثة، بصفته رجلا جمع بين الإخراج السينمائي، والكتابة حول كواليس السينما المغربية لفترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
في البداية، حيا محمد الهيتمي، المدير العام مدير النشر لمجموعة لوماتان، الضيوف، مبرزا أن اللقاء الثامن الذي انفتح على السينما، يأتي بعد لقاءات تطرقت إلى مواضيع اخرى واحتفت بالأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين. وقال الهيتمي إن لقاء اليوم يتميز بحضور رجل كبير في عالم السينما، ويتعلق الأمر بالمخرج والكاتب سعد الشرايبي، الذي راكم تجربة طويلة في السينما، من خلال مجموعة من الأفلام المرموقة، مثل (رماد الزريبة، ونساء ونساء…)، كما ترك أثرا واضحا في عالم الكتابة من خلال “شذرات من ذاكرة سينمائية”، أعمال أثرت بلا شك وأغنت المجال السينمائي المغربي، داعيا إلى الانصات إلى هؤلاء الذين يتميزون برؤى واضحة حول السينما والأدب، وفي كلمته المقتضبة، اشاد الهيتمي بالباحث والناقد السينمائي، محاور الضيف، الذي سيغني النقاش ويقرب الضيف إلى جمهور نادي الكتاب لوماتان، متمنيا لقاء مفيدا للجميع.
قبل أن يقدم ضيف اللقاء الثامن الذي انفتح على التجربة السينمائية المغربية من خلال “شذرات من ذاكرة سينمائية”، حيا المحاور، حمادي كيروم، الذي تسبقه شهرته كناقد سينمائي مرموق، الضيوف، مشيدا بمجموعة لوماتان، حيث يسمعهم دائما يتحدثون عن الصباح الذي يخلف موعده معه، وقال نحن في المساء le soir لنحكي ماذا وقع في le matin الصباح.
في محاوره الغنية التي اتخذت منحى فلسفيا، حيا كيروم بداية صديق دربه الطويل، سعد الشرايبي، الذي دعاه لإعادة قراءة محتوى بارت، واستحضر هنا مقولة بورخيس، التي مفادها أن الناس يتباهون بما يكتبون، لكن كيروم يتباهى بما يقرأ، وزاد عن بورخيس بما يقرأ و ما يرى أيضا، واشار في حديثه النقدي الشيق إلى ثلاثة رجال قرأ لهم جمعوا بين الإخراج وكتابة السيناريو، منهم الشرايبي، مضيفا أن كتاب السيناريو نادرون لأن لهم فكرة واحدة ويغيرون الأسلوب لتقديمها، وفي حديثه امام جمهور متنوع، أشار كيروم إلى المخرج إيزنشتاين الذي كتب المذكرات الثلاث، وخصص وقته للإخراج دراسة وتنظيرا، حيث كشف عن آليات الإخراج ووضع الأخير في أرقى منزلة، واعتبره المخرج الأول الذي اطلع على مكنون ذخائره الفيلمية، ولم يكن المخرج الثاني غير، روبير بروسون، الذي أبدع في إدارة الممثل والممثلة، لكننا لا يمكن أن نفهم هذا المخرج دون قراءة كتاباته الفيلموغرافيا. والأخير هو المخرج تاركوفسكي، إذ لا يمكن أن نفهم السينما دون الرجوع إلى يومياته التي جمعها في كتابه “النحت في الزمن”.
ورجوعا إلى الضيف الشرايبي قال كيروم حينما قرأت “شذرات من ذاكرة سينمائية” استهوتني فكرة لماذا وضع الشرايبي الكاميرا جانبا وانخرط في الكتابة، مبرزا أن السينما تبدأ مع الشرايبي، والكتاب الذي بين أيدينا في هذه الأمسية ما هو إلا دليل على أننا سنعيش لحظات كلها متعة سينمائية، حيث تتحقق بهجة الإنصات. .وفي إجاباته عن دوافع كتابة هذا المؤلف قال سعد الشرايبي، إن هاجس التوثيق كان الدافع الأبرز للكتابة، مشيرا إلى أن فكرة الكتابة راودته حين كان يتأهب لتصوير فيلمه السينمائي “عطش” سنة 1994، حيث اصطدم بغياب كلي للأرشيف المتعلق بتاريخ منطقة تنجداد، التي تدور فيها أحدات الفيلم خلال الفترة الزمنية 1954.
ولإنجاز فيلمه اضطر الشرايبي للجوء إلى الأرشيف الفرنسي، وعندها اكتشف أن هناك شيئا غير مفهوم يحصل في المغرب، وهو أن الاهتمام بتدوين ذاكرتنا شبه غائب تماما، ومن ثمة قرر المساهمة في كتابة جزء من ذاكرتنا السينمائية، للأجيال الجديدة التي لا تعرف شيئا عن الماضي. ووجدت أسئلة الحضور سعة صدر لدى كل من سعد الشرايبي والباحث والناقد حمادي كيروم، وتنوعت بين علاقة الأدب والسينما، وعلاقة المخرج بالروائي، هل هي علاقة تكاملية أم تصادمية، وأبانت التجارب حسب الضيفين الكبيرين، أن القليل من الكتابات الروائية تصلح للسينما، لأن أغلب الروائيين يكتبون روايات ذهنية، يصعب عن السيناريست تحويلها إلى الشاشة الكبرى دون تدخل ذاتي، وفق ما يراه صالحا سينمائيا. وانبرى المخرج كمال كمال في تدخله إلى أن المخرجين يجدون صعوبة في تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي، طرح فنده احد المتدخلين بقوله، حين يلتقي خيال روائي بارع، مع خيال كاتب سيناريو موهوب، فانتظر سينما بمواصفات عالمية، سينما مغربية تنافس على الجوائز الرسمية في المهرجانات العالمية الكبرى مثل كان، والبندقية وبرلين، وليس حضورها المحتشم في “نظرة ما” او “خفقة قلب” او “بانوراما”، والأمر لا يكتمل حسب المتدخل، إلا إذا انسجمت وتكاثفت الإرادات، من قطاع الثقافة والشباب والمركز السينمائي المغربي، والصحافة النقدية المتخصصة، وهلم جرا.
يذكر ان اللقاء الثامن من “نادي الكتاب” لوماتان، حضره عدد من رجال الفن والسينما والمسرح والثقافة من بينهم حسن رشيق، وحسن بنجلون، ومحمد مفتكر، وكمال كمال، وسعد الله عبدالمجيد، ونادية الشرايبي، ولمياء بن جلون، وعبد الله اليعقوبي، وسعاد بياض، وفتاح النكادي، ورشيدة السعدي، وبوشعيب المسعودي، والحبيب الناصري، وحسن مجتهد، وأحمد بويدي…،علاوة على أن اللقاء كدأب اللقاءات جميعها بث مباشرة عبر الفايسبوك. كما تناقلته منصات الرقمية للمجموعة الإعلامية المرموقة.