كاريكاتيرست جريدة” الصحراء المغربية” عبد الله الدرقاوي يسائل واقع الكاريكاتير في المغرب

تجربة فنية رسخت حضورها ضمن الأجناس الصحفية
احتضنت المكتبة الوسائطية التابعة لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، يوم السبت الماضي، لقاء ثقافيا نظمته جامعة المبدعين المغاربة. واحتفى اللقاء بتجربة احد الكاريكاتيريين المغاربة، ويتعلق الأمر بالاعلامي وكاريكاتيرست صحيفة “الصحراء المغربية” عبد الله الدرقاوي، بحضور ثلة من المبدعين، وقيدومي الصحافة المغربية يتقدمهم المبدع العربي الصبان، والحروفي مصطفى اجماع، والقاص محمد وصوف، وغيرهم من اهل الفكر والصحافة.
في هذا اللقاء الاستثنائي، عبر عبد الله الدرقاوي عن سعادته بهذا التكريم، الذي اعتبره التفاتة بالغة، لهذا الجنس الصحفي، ولفن الكاريكاتير عموما.و
أضاف الدرقاوي في حديث لجريدة “المراسل الجديد” الالكترونية أنه في بداية التسعينات كانت البداية مع جريدة الاسبوع الضاحك التي كان يشرف عليها المرحوم الفنان محمد الفيلالي والتحقت بمجموعة من الفنانين الكبار الذين كانوا يشتغلون بها منهم الفنان البوهالي حميد والمرحوم حمودة بعدها التحقت بجريدة انوال اليومية حيث كانت البداية الحقيقية و كانت بمثابة المدرسة الصحفية التي ساهمت في التكوين وصقل الموهبة وكان الفنان الكبير العربي الصبان لا يبخل عني بتوجيهاته ونصائحه عند كل زيارة له بجريدة العلم التي كانت تجاور أنوال وكنت محظوظا بهذه التجربة مع هؤلاء الرواد في رحلتي من الهواية الى الاحتراف وصولا الى محطة جريدة الصحراء المغربية التي فتحت لي أبوابا و أفاقا جديدة من خلال دعم وتشجيع الزملاء الصحافيين والمسؤولين الذين كانوا على وعي بأهمية ودور فن الكاريكاتير في الصحافة.
وقال الدرقاويد “داخل أسرة تحرير الجريدة يتركون لي حرية اختيار الموضوع الذي أنوي معالجته بالرسم، وأتصرف ياعتباري عضوا في هيئة التحرير بحيث أبحث عن موضوع يحظى بانشغال الناس لأضع عليه لمستي الخاصة، الناس عموما يحبون الموضوع الساخن، المطروح في لحظته، ولا يهتمون كثيرا بالموضوعات الأخرى مهما كانت ذات قيمة، غير أن الرسام عموما يمر بأوقات لايجد فيها موضوعات جيدة للرسم، وهذا الأمر يعرفه ويتعايش معه حتى الصحافي أو كاتب الإفتتاحية، ثم إن العمل اليومي يتطلب إيقاعا سريعا ومتواصلا من البحث عن الأفكار المبدعة والجيدة الأمر الذي يصعب تحققه كل يوم، لذلك يتأرجح الفنان الكاريكاتوري بين فكرة جيدة وأخرى أقل جودة..ا لكاريكاتير فن تعبيري يعتمد على قوة الفكرة وعمق المعنى فن يتناول الواقع بقالب ساخر يثير الضحك و يرصد تناقضات المجتمع ومفارقاته مما جعل له جماهيرية واسعة في اوساط المجتمع المختلفة من الناس البسطاء إلى المثقفين ونخبة المجتمع سهل القراءة سريع الانتشار له قدرة كبيرة على التعبير على كل قضايا الناس وهناك من سماه بفن السهل الممتنع لغته عالمية مما جعله فنا عابرا للقارات والحدود يعتمد على المشهد المختزل للحدث مما يجعل اللوحة الكاريكاتيرية تتفوق على المقالة والعمود الصحفي و الصورة الصحفية في نيل اهتمام القارئ وفن الكاريكاتير فن جامح لا تحكمه قواعد او معايير محددة مما يطلق العنان للفكر الابداعي المتجدد لخلق متعة بصرية وفكرية للمتلقي”.
وأضاف الفنان الدرقاوي أن الفنانين العرب برعوا في فن الكاريكاتير وتميزوا فيه على المستوى العالمي لان فن الكاريكاتير هو وليد المعاناة والألم ولاتوجد شعوب على وجه الارض تعاني كما تعاني الشعوب العربية لذلك فالكاريكاتير فن يولد من رحم المعاناة يقول فنان كاريكاتير فلسطيني في هذا الموضوع
……..يكاد يكون فن الكاريكاتير هو الفن الأوفر حظا في تشكيل الثقافة الفلسطينية والعربية ، فهو فن الفكر قبل الرسم ، وهو ينهل من موروثنا الثقافي الأصيل ويخرجه في شكل لوحة عميقة مستقاة من عبق تاريخنا وحاضرنا ولغتنا وعاداتنا العربية الأصيلة التي نعتز بها ، ولذلك كان أثره الثقافي كبيرا ، فهو يرتقي بالذوق العام وينمي الحس والمشاعر ويصنع أمة ذات حضارة وثقافة ووعي في كافة المجالات، مشيرا أنه في العالم كله توجد كليات وأكاديميات لتعليم الفنون الجميلة كالرسم وفن الديكور و الغرافيك وغيرها لكن لاتوجد هناك معاهد متخصصة لتعليم فن الكاريكاتير لانه فن حر ليست له قواعد تحكمه.
الكثير من الناس يعتقد ان فن الكاريكاتير خلق للاضحاك والتسلية لكن في الواقع هو فن الضحك المر لأنه يعبر عن واقع أليم ويسلط عليه الضوء من أجل التغيير وفضح الفساد بكل أشكاله وهو فن ينتمي لأوجاع البسطاء والمستضعفين فهم الفئة الأكثر تفاعلا مع اللوحات الكاريكاتيرية سواء على صفحات الصحافة الورقية او على مواقع التواصل الاجتماعي فن الكاريكاتير هو فن هادف صاحب رسالة في البناء والتنمية والتغيير ، ومجابهة الظلم ونصرة الضعيف ، الكاريكاتير اهو لسان حال الفقراء والمهمشين.
الكاريكاتير جنس صحافي بامتياز ورسام الكاريكاتير دائم الملاحقة لقضايا الناس وهمومهم الاجتماعية والاقتصادية و السياسية كما هو الشأن بالنسبة للصحافي في أخباره ومقالاته وتغطياته للأحداث ، وفن الكاريكاتير هو ابن الصحافة الورقية التي تبنته واحتضنته بين صفحاتها و انتساب الكاريكاتير للصحافة قد أثر فيها إيجابيا وحوله إلى مادة تحظى بالشعبية الكبيرة وحب الجمهور الواسع، فلو لم ينتسب الكاريكاتير للصحافة لظل معلقا على جدران المعارض والمتاحف تشاهده نسبة محدودة من المهتمين بالفنون التشكيلية..
ورسام الكاريكاتير هو أيضا فنان تشكيلي لأن فن الكاريكاتير يقوم على الخطوط و الألوان وبالتالي يقدم للقارئ مادة فنية تستمتع بها عين المتلقي وهنا أشير الى ان كبار الرسامين العالميين امثال ليوناردو دافنشي و بيكاسو و سلفادور دالي مارسوا فن الكاريكاتير الي جانب التشكيل ،،،،،واللوحة الكاريكاتيرية لاتولد من فراغ بحيث أن رسام الكاريكاتير عليه أن يكون واسع الاطلاع ومدركا ومتابعا للأحداث التي تدور حولنا محليا وعالميا.. وهو فن متشعب ومتنوع وله أصناف وروافد منها الرسم التعبيري أو الذي تصاحبه بعض التعليقات المقتضبة ويدعى الكرتون أو الكاريكاتير وهناك أيضا الرسم التوضيحي الذي يصاحب المقالات وهو أيضا يعد صنفا من أصناف الكاريكاتير وكذلك الشريط الساخر المرسوم الكومكس وهي شرائط ساخرة تنشرها الصحافة وتختلف عن الشرائط غير الصحافية والتي تسمى شرائط القصة المصورة أو الرواية المصورة أو الكوميكس، ونجد أيضا فن البورتري الكاريكاتوري الذي يعتمد المبالغة في رسم ملامح الوجه والذي تنشره الصحافة.. إذن نحن أمام أصناف متعددة يطلق عليها الناس إسم الكاريكاتير لكن النقاد والفنانين والمهتمين يستطيعون التمييز بينها وتصنيفها..
أتاحت لنا مواقع التواصل الإجتماعي التعرف على جزء هام جدا من المتابعين، بل وأتاحت أيضا التعرف على أمزجتهم الفنية واختياراتهم ونوع ردود أفعالهم على الرسومات الكاريكاتيرية ،في التعليقات و التفاعلات المباشرة الأمر الذي يقدم خدمة للفنان لم تكن متوفرة قبل خلق هذه الفضاءات. هناك تجاوب إيجابي مع كل الآعمال الكاريكاتيرية على الرغم من كون معظمها بدون جمل توضيحية وفيها فكرة مركبة ……القارئ المغربي ذكي ويحب الأعمال التي تحترم نباهته ويعشق الأعمال المتفاعلة مع الأحداث والوقائع المطروحة بشدة في أوانها ولحظتها.
وأشار الدرقاوي أن هناك جمهورا واسعا على منصات التواصل،يعرف كيف يقرأ الرموز ويتفاعل بشكل جيد مع الصورة الناس يحبون الرسام الذي يبذل مجهودا ذهنيا في أعماله.. ومن خصائص العمل الصحافي السرعة في تحرير مادته ونشرها في وقت قياسي، وهذا ما جعل من الريشة الرقمية خير وسيلة لمساعدة الفنان لتتبع الأحداث المتسارعة وربح الوقت.. بالنسبة لي أستعمل لوحا إلكترونيا منذ سنوات، وأحاول أن أطور أسلوبي في الرسم من خلاله، التقنية الحديثة أتاحت هذه الفرصة الكبيرة ولكننا لانغفل أيضا ذكر بعض السلبيات في هذا الإتجاه، بحيث نرى أن أصول الأعمال غير موجودة والرسوم معرضة للتلف، لأنها عبارة عن ملفات رقمية قد يدمرها أصغر فيروس في الكومبيوتر وتصبح في خبر كان..
صنف الكاريكاتور كان موجودا في الجائزة الوطنية للصحافة المغربية ولكن تم حذفه دون تقديم توضيحات للأسف، وعموما هناك بعض الإشكالات العالقة والتي يجب العمل مع الجهات الرسمية لحلها ومنها بعض الشروط الخاصة بالجائزة والتي تتطلب توفرها في رسام الكاريكاتير مثل بطاقة الصحافة التي لايتوفر عليها سوى قلة من الرسامين الذين يشتغلون في منابر بشكل قار، وإذا كانت الغاية هي تشجيع الفنان على العطاء فمن الأنسب لهذه الجائزة أن تعدل بعض بنودها التعجيزية حتى يتسنى للجميع المشاركة لأن ليس كل الفنانين يعملون في المنابر بشكل قار ومتواصل، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى عالقة ننتظر أن نناقشها مع الجهات الرسمية لتصير الجائزة متاحة أمام الجميع..
وكشف الفنان الدرقاوي أن هناك تساؤل يطرح غالبا بخصوص ندرة العنصر النسائي في المشهد الكاريكاتوري فهو لايقتصر على المغرب فقط وإنما يشمل العالم كله،حتى في أمريكا مثلا هناك قلة قليلة من رسامات الكاريكاتير في الصحف ورسام الكاريكاتير عملة نادرة حتى في أوساط الرجال، وهناك إحصائية كانت قد خلصت إلى أن في كل مليون نسمة يوجد رسام كاريكاتير واحد، مشيرا أن في المغرب هناك رسامات للكاريكاتير منهن من شقت طريقها بنجاح مثل الفنانة المرموقة الصديقة ريهام الهور، وهي الآن رسامة محترفة تشتغل في الصحف المغربية، وهناك مواهب تحتاج فقط إلى التشجيع والأخذ باليد.. المغرب لا تعوزه المواهب ولكن تعوزه الوسائل والإرادة لتشجيع المواهب الواعدة.