قطبان يحتفي بالهوية المغربية في “لمسات من التراث” برواق فن الملهمة بالبيضاء
يلجأ إلى البساطة في اختيار معالجة مواضيعه التي تجعل الإبداع عملا متميزا
بتنسيق مع جمعية “بصمات للفنون الجميلة” بالدارالبيضاء، وبرواق “فن الملهمة”، يتواصل إلى غاية 3 يونيو المقبل، المعرض الفردي للفنان التشكيلي عبد العزيز قطبان، تحت عنوان “لمسات من التراث”.ويندرج الحدث الفني ضمن سلسلة من المعارض الجماعية والفردية التي تنظمها الجمعية سالفة الذكر، لفائدة الفنانين المرموقين والشباب سواء المحترفين منهم أو الهواة، بهدف المساهمة في نشر الثقافة البصرية والتعريف بالفنانين المبدعين. وبخصوص معرض لمسات تراثية فإنه يهدف الى المساهمة في تعزيز الهوية الثقافية المغربية وتوطين بعض العادات والتقاليد المغربية داخل فضاء اللوحة.
وقال رئيس جمعية “بصمات للفنون الجميلة” بالدارالبيضاء، أحمد بويدي، إن معرض قطبان الفردي، يضم أعمالا صممت بإتقان ومؤصلة للهوية المغربية، أعمال توثق للحظات ومشاهد تهم التقاليد المغربية وتحتفي بالأماكن الاثرية والطقوس المستنبطة من الأصالة المغربية. فاللوحات المعروضة تؤرخ للهوية المغربية وللتراث اللامادي، حيت يستعير الفنان عبد العزيز قطبان أفكاره ومواضيعه وألوانه وأدواته من التراث المغربي الغني بالتفاصيل والإيحاءات البصرية.
جماليا ارتبطت تجربة الفنان التشكيلي قطبان بولعه بالطبيعة الصامتة واقتصاد في الألوان ومواضيع من التراث اللامادي المغربي، فنان التزم مند بداياته الأولى في عالم الصباغة باختيار المسالك الصعبة على غرار المبدعين الباحثين والمهووسين بالثقافة المحلية في أبعادها الرمزية والدلالية. أعمال تحتفي بالإنسان في أحلامه الصغيرة والكبيرة تماما، كما تحتفي بالأرض والفروسية، ويمكن الحديث هنا عن سجلات بصرية منطقها ” لا أصالة إلا في الأصل”.
في منجزه البصري نقف عند تلك المصالحة التاريخية بين العلم والطبيعة وبين الدراسة التأملية الفطرية. قطبان فنان آثر الاشتغال على المواضيع الحية مثل الفروسية إلى جانب التركيز على كل ما يعتمر في كيانه ودواخله، يحرص الفنان المبدع عبد العزيز قطبان على إعادة تمثيل قيم الذاكرة المشتركة في منزعها التشخيصي الواقعي، يستوحي عوالمه المشهدية من ملكته الطبيعية، لكنه يفصح عنها من خلال مهاراته وكفاياته على مستوى الإعداد والإنجاز. مقتربة الفني يزاوج بين توسيع الإدراك الجمالي وتحرير المخيلة، بل نكاد نجزم أنه تواطؤ بين مخيلة حرة جسورة وإدراك موسع.
فالمعرض يشكل جسرا للتواصل بين الاجيال السابقة والحالية، ويحمل المتلقي الى الغوص في تفاصيل اللوحات التي اشتغل فيها التشكيلي قطبان بتقنيات خاصة عبر استخدام اللمسات والالوان المتداخلة حفاظا على ايقاع معين ومحاولة إخفاء الصورة الواقعية أو طمسها ليجعل من المتلقي عنصرا فعالا في قراءة واستكشاف معالم الصورة التي تنوعت مواضيعها بين اللباس التقليدي الأصيل والفروسية والفلكلور…، والطبيعة الصامتة في كل تجلياتها.
من جانبه قال صاحب رواق “فن الملهمة” الفنان التشكيلي المخضرم، عبد السلام القباج، إن الملتقيات الفنية والمعارض الفردية والجماعية التي نظمها المبدع عبد العزيز قطبان تؤكد مدى تمكنه من الفعل التشكيلي. وأوضح القباج في ورقة تقديمية للمعرض أن جديد أعمال قطبان الفنية تجسد لمسات كلاسيكية وتعبيرية وحداثية في الآن نفسه، فهي تعكس أحاسيسه ومشاعره بصفة عفوية دالة على حالات الوجد، مضيفا أن لوحاته تركز على النور أكثر من العتمة، كما تعتمد الإيحاءات ولا تقف عند الجزئيات، حيث يترك الفنان آثار بصماته بضربات فرشاته القوية من خلال وحدات قائمة على توظيف ألوان قليلة لا تتعدى الثلاثة. وأشار القباج في الورقة ذاتها إلى أن عبد العزيز قطبان يرسم أحيانا طبيعة صامتة، وفق تعبير جمالي منسجم بين عناصر الفراغ والامتلاء، مفيدا أن التشكيلي قطبان يلجأ إلى البساطة في اختيار معالجة مواضيعه التي تجعل الإبداع عملا متميزا، فكل لوحة فنية تأشيرة عبور إلى لوحة مغايرة، حيث يصوغ إشراقات باللون والشكل والأثر تنضاف إلى سجلات إبداعه الحر، الذي يبرز الذوق الراقي المتمثل في جمالية الذائقة الحساسية الفنية الجديدة. ملونته معادل رمزي لمحاسن الطبيعة في كل تجلياتها. وخلص القباج إلى أن أعمال عبد العزيز قطبان في معرضه الفردي الحالي برواق “فن الملهمة” بالدارالبيضاء تستفز مخيلتنا وتستدرجنا لسفر داخلي في عوالم الحواس والمعاني.
آمن قطبان، كذلك، بأن الفنان الذي لا يبحث، ولا يجدد نفسه باستمرار قد تصيبه مغبة الكسل، ويصير كسحابة صيف لا تستقر في موطن، سرعان ما تختفي، لكن سحب قطبان تحمل الأمل والحياة وتسقي الفن والأرض والإنسان بكبرياء وأنفة.
تجدر الاشارة الى أن عبد العزيز قطبان فنان تشكيلي عصامي، من مواليد 1972 بمدينة بني ملال يعيش ويشتغل حاليا بمدينة البئر الجديد، شارك في العديد من المعارض داخل وخارج المغرب ( سوريا ـ مصر ـ البيرو ـ البرازيل ـ ايطاليا ـ مصر …) وقد حاز الجائزة الاولى في مسابقة الفنون التشكيلية المنظمة من طرف الأكاديمية العربية للفنون بمصر وشهادة نوبل الفخرية من الأكاديمية نفسها، كما ساهم في تأطير مجموعة من الورشات التشكيلية لفائدة الاطفال والشباب.