سعاد رشدي: فنٌ يتجاوز الحدود بين الأكاديمي والتجريدي في رواق “منظار” بالدار البيضاء

من الطاووس إلى التجريدية: رحلة فنية تحاكي التغيير والتطور
تستعد الفنانة التشكيلية المغربية سعاد رشدي لإطلاق معرضها الجديد في رواق “منظار” بمدينة الدار البيضاء، والذي سيكون بمثابة محطة جديدة في مسيرتها الفنية الطويلة. يمتد المعرض من 9 إلى 23 يناير الجاري، ويجمع بين ملامح الأكاديمية والتجريدية بأسلوب فني فريد يعكس تطور رشدي المستمر ورؤيتها المتجددة للفن.
الأكاديمي والتجريد: تزاوج بين التقليدي والمعاصر
بدأت سعاد رشدي مسيرتها الفنية من خلال ممارسات تقليدية في الزخرفة وفن السجاد، ما ساعد في تكوين حساسية عالية تجاه التوازنات الدقيقة بين الأشكال والألوان.
بهذا الأفق الجمالي، أكدت الناقدة الجمالية والباحثة في مجال الفن والآداب، نعيمة رشدي، أن شغف الفنانة التشكيلية سعاد، المستمر بالتعلم قادها إلى استكشاف آفاق أوسع، حيث تلقت تدريبًا أكاديميًا في الرسم تحت إشراف أساتذة محترفين في الدار البيضاء، مما منحها قاعدة قوية للتعبير الفني. وأضافت الناقدة نفسها، أن الفنانة التشكيلية المغربية سعاد رشدي أبدعت في تقنيات الألوان المائية، والزيتية، والأكريليك، وتعلمت كيفية دمج الخط العربي في أعمالها، ما أضفى على لوحاتها طابعًا خاصًا يجمع بين التراث والفن المعاصر.
الطاووس: إلهامٌ جمالي يفتح آفاقًا جديدة
في معرضها الأخير في الصين، استلهمت رشدي جماليات الطاووس، ذلك الطائر الذي يتمتع بريشٍ غني بالألوان وأشكالٍ معقدة، ليصبح رمزًا لجمالها البصري. الطاووس لم يكن مجرد مصدر للإلهام، بل أصبح تجسيدًا لأسلوب رشدي الفني الذي يمزج بين الألوان والتفاصيل الدقيقة، ويخلق تناغمًا مذهلًا بين التجريدية والحروفية. هذا التفاعل بين الأشكال والألوان يُظهر قدرة رشدي على الدمج بين التقنيات التقليدية والحديثة، حيث تُضفي الألوان الزاهية والخطوط المتداخلة روحًا من التجديد على لوحاتها.
الفكرة والفلسفة: ما وراء الألوان والخطوط
ما يميز أعمال سعاد رشدي هو قدرتها الاستثنائية على دمج التفاصيل الصغيرة مع المفهوم الشامل للعمل الفني. لوحاتها لا تقتصر على التأثير البصري فقط، بل تحمل رسائل فلسفية وفكرية عميقة تجعل المتلقي يتفاعل مع العمل على مستويات متعددة. تتجاوز أعمالها حدود اللوحة لتصبح رحلة بصرية وفكرية، حيث تتلاقى الأكاديمية مع الإبداع، وتتناغم التقنية مع الفكرة، مما يجعل كل لوحة تجربة غنية بالعمق.
في الختام: دعوة للتجربة والاستكشاف
يعد معرض سعاد رشدي في رواق “منظار” فرصة لاكتشاف إبداع فني جديد يحمل بين طياته الكثير من الفلسفة والفكر، ويجمع بين مختلف أساليب الفن، من الأكاديمي إلى التجريدي، ومن الحروفي إلى الإبداعي. إنه دعوة للتفاعل مع الأعمال الفنية في مستويات متعددة، لفتح آفاق جديدة لفهم الفن التشكيلي في شكله المعاصر والمتجدد.