حسن السلكي يعرض “الفن للجميع” برواق “فن الملهمة” بالدار البيضاء
مقتربه الصباغي مرادف لجوهر الطبيعة في تجلياتها التجريدية المطلقة
يتواصل المعرض الفردي للفنان التشكيلي حسن السلكي برواق فن الملهمة بالدرالبيضاء إلى غاية 22 فبراير الجاري.
واختار تيمة لأعماله الجديدة بعنوان “الفن للجميع”، ويقدم خلالها أزيد من 26 لوحة يغلب عليها الطابع التجريدي، إلى جانب رسم بورتريهات، ومشاهد من الطبيعة. الجميل في أعمال السلكي أنه لا يضع عناوين لهذه اللوحات، ولا يرفقها بتعليقات وتفاسير، ذلك أنه يريد أن يترك للمتلقي حرية التأويل، من دون توجيهه والتدخل في قراءته.
تتبدى في الاعمال المعروضة لوحات لشخصيات في أعمار مختلفة، وندرك ان الفنان مدفوع بحاجته إلى مشاركة قوة الحياة مع الجميع، وهو الذي اختار “الفن للجميع” كرسالة جمالية يتقاسمها مع المتلقي والناقد والشاهد والمتأمل. يضع السلكي كل جوارحه في قلب أعماله، من خلال أسلوب تجريدي رصين للغاية وبدون تأثيرات أسلوبية غير ضرورية يرسم العناصر الأساسية ببساطة معقدة، وكأن اهتمامه الأساس هو إعطاء حجم للوقت الذي تحكمه الحركة، والإيقاع الداخلي للوحاته، ويسعى جاهدا لإعطاء معنى دال لذائقته الفنية، من خلال هذا التنوع في التيمات، هناك كينونة البحر، والطبيعة في كل حنوها وعنفها، إلى جانب هذه الكائنات التي صورها على شكل بورتريهات.
يتقن حسن السلكي هذه المنجزات الجمالية بدقة التصوير عالي المستوى عندما يتعلق الأمر بتمثله للواقعية التشخيصية، وكل أعماله الصباغية تعبر عن تأملاته في الحياة التي قضاها معتمدا على جهده في الوصول إلى مبتغاه. الاعمال الأخيرة التي احتضنها روق فن الملهمة تعكس نظرته الجمالية للفن التجريدي المتميز والمتفرد.
يوقع التشكيلي السلكي أعماله وفق مشاهد تجريدية، لكنها رمزية دالة، كأنها تجميع لاتجاهين لا ثالث لهما، ويتعلق الأمر بالواقعية الجديدة، وبالتعبيرية التجريدية، أعمال تفرق بين الموضوع والشيء، والدال والمدلول. وباعتباره واحدا من الحساسيات الجديدة يوظف الفنان محمولا تعبيريا خالصا لكل ما هو تجريدي.
المتأمل في أعمال السلكي يقف على خاصية تشكيلية متفردة، اتجاه تأثيري يقدم الفعل الصباغي في بساطته وتعقيداته، والمنجز هنا بيان وسجل بصري يشتغل على التحول لا “المسخ” بتعبير كافكا. إنها أعمال تحتفي بالإشكالية الجمالية الراهنة، ضمنها كينونة البحر، والطبيعة في صخبها وعنفوانها، كما تثيره أيضا ذائقة وحساسية البورتري، فشخوصه وكائناته تبع من طقس جمالي وحده يعرف أسراره ومكنوناته، مؤكدا في الوقت نفسه أن محتوى اللوحة أدق معنى وأكثر أهمية من الشكل.
بعد مسار صباغي تمثل في رسم الوجوه والمشاهد الطبيعية، والاتجاه التشخيصي، اعتمد في تجاربه الأخيرة على أعمال ذي تيمات مادية، التي وجد فيها ذاته الفنية، إذ يقدم عملا عميقا يتأسس على الواقع المادي في حدود الرؤية التجريدية الخالصة، مع الاعتماد على الألوان كوسيلة وقاعدة تركيبية للون، ويرى نقاد جماليون في مقدمتهم الناقد والفنان التشكيلي المخضرم، عبد السلام القباج، أن مقتربه الصباغي مرادف لجوهر الطبيعة في تجلياتها التجريدية المطلقة.