المغيب في ديوان  “كي لا تبكي” للشاعر عدنان مشهي

fd3d6dcb-c3eb-4593-9d0d-8512a3ad9dc5

بقلم : نهيلة العربي الادريسي

سعت السيميائيات منذ ظهورها إلى محاولة إرساء استراتيجية للتأويل، تكون فيها السلطة للذات الفردية، بحيث تكون القراءة فيها منتجة وإبداعية، متجاوزة الأفق المعرفي إلى الأفق الجمالي مما يتيح للقارئ إمكانية لا محدودية التأويل ومحاولة النصوص الأدبية واستنطاقها، بغية استخلاص القيم المتوارية خلف البنية اللغوية في المستوى العميق للنص.

إن ظهور إشكالية الأهواء والعواطف الإنسانية في فضاء الصرح السيميائي قد أعاد مباشرة الاعتبار إلى الحياة الداخلية للذات بعد ما تم استبعادها تحت إكراهات الخلفية البنيوية، لذا فقد فرضت مقاربة هذا البعد من الناحية الإجرائية إعادة تشكيل النموذج التوليدي ؛لأن التشكلات الهووية تتموقع في ملتقى كل محافل المسار التوليدي للدلالة، فتمظهرها يقتدي بعض الشروط القبلية الخاصة ذات الطبيعة الإبيستمولوجية. وكذلك بعض عمليات التلفظ.

الأهواء ببساطة عبارة عن مشاعر منفعلة مبالغ فيها، تؤثر على صاحبها وعلى المحيط الذي تدور فيه، ولكن يمكن اعتبار كل المشاعر أهواء. وذاك ما نجده في ديوان الشاعر  عدنان مشهي المعنون ب”كي لا تبكي”، فالهوى عنده ميل انطباعي وإرادة نفسية وحب وعشق يكون في مداخل الخير والشر، وجنون يسير ضد العقل، وقد اعتبره تنظيم للحياة العاطفية الخاضعة إلى نزعة مسيطرة، وتارة أخرى عاطفة يشع الإنسان بواسطتها أنه منفصل عن ذاته ومدفوع إلى أعمال لا يستطيع أن يتحكم بها، إذ يقول في ديوانه:

حياتي”

أوراق مبعثرة

والعاطفة الهوجاء

“تزيد في تعثرها.

هنا يؤخد الملفوظ السردي كعلامة دالة ومؤشر للكشف عن الجانب الشعوري للذات.

إن الإحباط النفسي هو الشعور باليأس والحزن بعد التعرض لتجربة مؤلمة، ومن علامات الإحباط الإحساس بالعجز، كما قد يشعر الإنسان المحيط بأنه عاجز عن مواجهة مشاكله، ويفقد الثقة في قدرته على تحقيق النجاح أو أي هدف في الحياة.

تسيطر على الديوان أهواء ذات طابع سلبي، ولكن هذا لا يمنع أن تتمظهر فيها مجموعة من المفردات المنافية لتلك الأهواء مثل “الأمل”.

يقول :

ريح الأحلام”

البيضاء

تلك التي

“تجر جوادي…

“أبحث

عن قبس

“من الفرح

وبالتالي سيكون لكل هوى ذات معينة تجسده وتتبناه، ليكون هناك ذاتان متعاكستان.

وقد كان هوى الإحباط بهذا الديوان هو الدافع الرئيسي الذي جعل النظير يعيش بين الحلم والواقع، ويفضل الحلم على الواقع لأنه يحقق فيه ما لم يستطع تحقيقه في الواقع، فهو المحرك الذي جعل الشاعر يكتب بفيض من الأحاسيس الهادرة.