الفنان التشكيلي عبد القادر لعرج يوقع أكبر جدارية بأصيلة

آثر فنانون تشكيليون من المغرب وبلدان عربية ان يوقعوا بالألوان والفرشاة على جدران أصيلة بعض المشاهد والرسومات الصباغية.
عبد القادر لعرج فنان تشكيلي لا يخلف موعده مع فعاليات أصيلة، ففي كل دورة من دورات مهرجانها العريق، تراه يشارك في ندواتها، وموائدها المستديرة، وكذا يترك أثرا فنيا على جدرانها.

خلال دورة هذه السنة والتي وصلت إلى الثانية والأربعين، كان الفنان المرموق واحدا من الفنانين المدعوين لتجسيد أسلوبه الصباغي على إحدى الجداريات، وعمله انعكاس لسطوة الإلهام الذي تزرعه هذه المدينة في نفسيته ووجدانه.
جماليا ارتبطت أعمال عبد القادر لعرج بالعديد من التظاهرات والمعارض الفردية التي نظمها في المغرب وبلدان مختلفة. وترتكز تجربة لعرج على عوالم شبه غيبية تغيب فيها الأمكنة بمفهومها المادي، وتحضر فيها فضاءات صوفية، كبؤرة لتجمعات حشود من الأجساد الرخوية، سواء القابعة والمتراكمة منها في الفضاءات اللانهائية، أو الطائرة في اتجاهات ملتوية وأخرى مائلة وشبه دائرية بسرعة حركية، كأنها فراشات تبحث عن مصدر النور، بتمثلات مرئية اتخذت لها وضعا في مرحلة انتقالية متبادلة بين التجريد والتشخيص.
وعن قاموسه الصباغي، كتب الناقد الجمالي، عزالدين هاشمي إدريس، مقالا نقديا سلط فيه الضوء على تجربة لعرج الصباغية، بعنوان” فنان، عمل فني، رحلات جوية لعبد القادر لعرج”، نقتطف منه ما يلي:” تثير معظم قراءات أعمال عبد القادر الأعرج خيال فنان مهووس بموضوع الطيران والارتفاع والعلو. يبدو أن “التحليق في الهواء” هو طموح عقدي يبني خياله.
لقد أدرك البعض منطقا يشبه الحلم أو رغبة في مساحات كبيرة. يستحضر البعض الآخر عرض الألعاب النارية ومفهوم الاحتفال، المرتبط بموكب الرقص الجوي. قلة منهم لم يروا سوى عالم يعج “بأشكال صغيرة ملونة” !!
على أي حال، فإن عمل الفنان التشكيلي لعرج، الذي صاحب في مسيرته الفنية العديد من الأسماء التي طبعت المشهد الفني المغربي والعالمي، عميق حتى لو عرض رؤية “عالم مبتهج”، مشابه لعالم الطفولة، يسعى للتلاعب بقوانين الفيزياء ويتحدى الجاذبية.
وأضاف الناقد عزالدين هاشمي إدريسي، في المقال ذاته، الذي ترجمناه إلى العربية، تعكس ألوان لعرج الإحساس الحسي بالرحلة. خلفية القماش مشبعة بألوان زاهية تتخذ أحيانا شكل بخاخات أو ذرات من الألوان … على غرار ما يشهد الفضاء من تحولات في الطقس.
تستجيب لمسات الفرشاة السريعة والمجزأة والدوران المتشنج لأشباه الإنسان. كما لو أن يدي الفنان وفرشاته تم التقاطهما بواسطة الأكروبات التي يفرضونها على “الكيانات الطائرة”.
لإكمال الوهم البصري، يبدو أن هذه الأشكال تسير مع الرياح كأنها سرب من الطيور، تترك نفسها تحملها التيارات الهوائية، وتدور في السماء … وتضبط طيرانها وفقًا للتدفقات.
لا ينفك عبد القادر لعرج من ترويض خيال هذه الكائنات التي وحده يعرف أسرارها، فمقتربه الصباغي يحتفي بالألوان الزاهية والأشكال، المتطايرة هنا وهناك.
مثله كفارس الكلمات، فهو شاعر يقرض شعرا بحدسه ومزينته الصباغية، له الرغبة نفسها التي تسكن الشعراء الجوالون العالميون، كتشارلز بودلير. القصيدة الأولى التي تتبادر إلى الذهن هي الباتروس التي تصور “الشاعر / الطائر”.