التشكيلية إلهام العراقي عمري تعرض “الوقت” بباب الكبير الاوداية الرباط
في معرض فردي مثير ومتميز، انفتحت الفنانة التشكيلية المغربية، إلهام العراقي عمري، على الزمن، أو الوقت، وجاء هذا المعرض بباب الكبير الاوداية الرباط بدعم من وزارة الثقافة والاتصال، وافتتحت هذه التظاهرة الفردية الجمالية يوم الخميس 4 ماي الجاري، بحضور شخصيات وازنة من عالم الثقافة والفن والتشكيل والأدب، إلى جانب نقاد جماليين، ومختلف الفئات العمرية، التي انبهرت بأعمال الفنانة عمري من خلال لوحات وتنصيبات تجسد آليات الوقت، ويمتد المعرض إلى غاية 15 ماي.
واختارت الفنانة التشكيلية إلهام العراقي عمري، التي شاركت أخيرا في صالون الخريف بباريس، تيمة دالة وهي الوقت. موضوع ألهم التشكيلية إلهام لأزيد من سبع سنوات، أولا جسدت هذا المعطى الجمالي عبر لوحات زيتية على القماش، حيث يمكننا ملاحظة الإشارات إلى الوقت مثل دوائر حلزونية وعقارب الساعة ثم طورت هذه التجربة الصباغية الفريدة عبر معارضها الفردية المتعددة إلى منحوتات تفاعلية ولوحات بآليات ساعة ذات دوران معاكس، إلى جانب تنصيبات فنية.
بأسلوب صباغي يؤسس لفرادة في مجالي التشكيل والنحت، آثرت عمري ان يكون نهجا
خاصا بالوقت يجعل منها مرجعا يربط الفن بالوقت، وغالبا ما يشار إليها على أنها رسامة الوقت، ويتحدث البعض عن مدرسة إلهام للزمن، خاصة أنها تقدم بلاغة فنية حسابية رقمية مطلية على شكل منحوتات، ولكن أيضا على صوت الوقت وحركاته.
أعمالها الأخيرة المثيرة من خلال هذا الرافد الكمي والصوفي والفلسفي تثير أسئلة محددة لكل واحد وتقترح حوارا وانعكاسا حول الوقت.
على مستوى منجزها الصباغي والنحتي يقول الكاتب والسوسيولوجي، مصطفى ساها، إن أعمال إلهام عمري تعبر عن الزمن العضوي في مظاهره المتقلبة وتحولاته المتطورة. إن ذاكرة المستقبل، التي تُدرك في وفرتها الذاتية، تدمج الماضي والحاضر والمستقبل، وهي مدة لا يمكن اختزالها، بمقياس الحركة حسب ما قبل وبعد (أرسطو) .الفن منذ نشأته، حسب شارل بودلير يسائل الزمن “ثلاث آلاف وستمائة مرة في الساعة. منحوتات ولوحات إلهام تتبع الزمن بوساطة ميكانيكية وصبغات أيقونية.
وآثرها الباحث والفنان التشكيلي، عزالدين إدريسي هاشمي، بنص نقدي نقتطف منه ما يلي”” في أعمالها الأخيرة تمزج بين المزيد من الحداثة والمعاصرة، تساءلت الفنانة إلهام عمري عن مسألة الوقت إلى أقصى الحدود. تدمج أنظمة الساعات في اللوحات، الخالية من الأرقام، مع الاتصال الهاتفي المحمول والعقارب … بعد تعديل وظائفها الميكانيكية. تدور العقارب في الاتجاه المعاكس … من اليمين إلى اليسار …! هنا أيضا يصعب قياس الوقت! هذه ليست ساعة”.
ارتبطت تجربة إلهام عمري بالعديد من الأروقة العالمية، كما ارتبطت أيضا بالكتابات النقدية العربية والغربية، ونكفي أن نذكر الناقدة الفنية والكاتبة، بثينة أزمي، التي قالت في هذا الشأن “هكذا أعمال إلهام عمري تدعو المتلقي إلى التملي والتأمل والتفاعل مع العمل، لا سيما من خلال تنشيط ذراع الساعة الرملية التي تتساقط رمالها فجأة، دفعة واحدة. عكس الساعة الرملية: الوقت ينهار أمام عينيك. ولن تفشل في الارتعاش من هذا الانفصال المفعم بالحيوية. نحن لا نخرج سالمين من هذه التجربة التي تعيدنا إلى عجز لا يمكن علاجه، عجز سريع الزوال، من نهايتنا، وهو الجسد المحاصر في شبكة مستحيلة.
يقول الدكتور في الأدب الفرنسي، بوكدال، إن “لوحات إلهام العرقي عمري، تقدم نفسها على أنها شيء رائع وهش مثل اللهب المكشوف للرياح الداخلية. ويضيف صاحب كتاب” الفنانات المغربيات المعاصرات”، أن أعمالها تعبير عن إيقاع عاطفي ينشطه التساؤل عن الثنائيات التي يتكون منها الوجود. يعبر الدافع الروحي كل لوحة في موجة من التسامي. هناك في عجبه براءة طفولية تسكن إيماءاته وتشع لوحاته بنور يأسرنا.
بهذا الأفق النقدي، خصتها الكاتبة وعالمة النفس، سعاد فيلال، بشهادة حول تجربتها الأخيرة وقالت فيلال” أكتب هذه الشهادة بسحر وأستطيع أن أقول بصراحة إن اللوحة مثل تمثال إلهام تغمرني بطبيعة السعي الذي يحشد الفنان ويعززه. تتحمل الفنانة المخاطر وتخلق ببراعة تمثيلات رائعة للوقت، وتذهب إلى حد تقديم نموذج مذهل للساعة التي تسير عقاربها في الاتجاه المعاكس للحركة العادية.
كما أنها تدعونا لقلب الساعة الرملية العظيمة، التي صممتها لمواجهتنا بالسرعة التي يمر بها الوقت وتعيدنا إلى حالتنا الفانية.
قالت إلهام إنها تجد العزاء في شغفها بالرسم. العزاء في مواجهة عدم ثبات الكائنات والأشياء التي يمكن للفن أن يساعد في التغلب عليها، والتسامح.
نعم نحن بشر، والحياة هي سلسلة من الأمواج. الأول يطردنا من رحم أمنا، والأخير يعيدنا إلى رحم الأرض. بين الاثنين، يتم منحنا وقتا أطول أو أقصر لتعلم الضحك والرقص مع الموجات الأخرى التي تمر للتو … مثلنا.
لقد تعلمت إلهام الرقص مع موجات الزمن وهي تفعل ذلك بكثير من الحدس والإضاءة وإتقان الإيماءات واللون لالتقاط الطاقة من مصدرها وتقديمها لنا بسخاء لمشاركتها.
إنها تدعونا إلى الدخول في الرقص بحرية، وتذوق سحر ما هو غير ملموس ومراوغ”.